الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف عقد لازم عند جمهور الفقهاء، وهو المعتمد في المذاهب الأربعة، فمتى وُجد بشروطه، لزم صاحبه، وخرج الموقوف عن ملك الواقف، وزال عنه حق التصرف فيه. وراجعي في ذلك الفتوى: 467419.
فإذا كان أبوكم قد أوقف هذه الأرض بالفعل في حياته، وصح ذلك منه، فقد خرجت الأرض عن ملكه في حياته، ولا تدخل في تركته، وليس لورثته حق فيها. وكذلك إن أوصاكم وصية صحيحة بفعل ذلك بعد وفاته، لزمكم إنفاذ وصيته، وإخراج قدر الوصية قبل قسمة التركة إن كانت لا تزيد عن الثلث، فإن زادت، فلا تنفذ فيما زاد على الثلث إلا بإذن الورثة، تبرعاً منهم. وانظري للفائدة الفتويين: 118523، 110727.
وأما إن كان أبوكم نوى وقف الأرض، أو التبرع بها، ولكن مات قبل أن يفعل ذلك، فهي على ملكه، وتكون لورثته من بعده، ولا يلزمهم أن يتبرعوا بها، أو أن يوقفوها تنفيذًا لرغبة مورثهم، ولكن يستحب لهم ذلك؛ براً بأبيهم، وفعلاً للخير، وطلبا للأجر. ولا حرج عليهم حينئذ في أن يزيدوا أو ينقصوا في قدر الأرض، أو أن يخرجوها قبل قسمة التركة، أو يؤخروا ذلك ليخرج كل وارث حصة من سهمه في الميراث. ولكن من أوقف حصة من سهمه، فليس له الرجوع بعد ذلك في وقفه، كما قدمنا في صدر الجواب.
والله أعلم.