ماهية الكراهة في حديث: وكره لكم قيل وقال.....

2-2-2025 | إسلام ويب

السؤال:
في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُم: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ"، ذُكر التحريم في الأمور الثلاثة الأولى، ثم ذُكرت الكراهة في الأمور الثلاثة الأخرى. فهل يعني ذلك أن الأولى محرّمة تحريمًا شرعيًا، بينما الثانية مكروهة كراهة تنزيه؟ أي: أن القيل والقال -مثلًا- يكون مكروهًا وليس حرامًا؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمراد بالكراهة الواردة في الحديث: التحريم، لا كراهة التنزيه، بدليل أن إضاعة المال محرّمة، وليست مكروهة كراهة تنزيه، ولما جاء في أحاديث أخرى في المنع من تلك الثلاث بالتعبير بلفظ: "سخط" بدل كره، كما في الحديث الذي رواه البخاري في الأدب المفرد، وأحمد في المسند، وغيرهما بلفظ: ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال.

وقد قيل إن لفظ الكراهة الوارد في الحديث لكراهة التنزيه، واستبعد هذا القول القرطبي في شرحه لصحيح مسلم، وعلّل العدول في الثلاثة الأخيرة من لفظ التحريم إلى الكراهة، بأن المحرّمات الثلاث الأولى أفحش وأكبر.

قال القرطبي في كتابه المفهم: إن حملنا (كره) على معنى: (حرَّم)، كما قد بيَّنَّاه، حيث فَسَّر (كره): بمعنى: (سخط). وعدل عن لفظ هذا الحديث عن لفظ (حرَّم) الذي ذكره قبل هذا اللفظ؛ لأنَّ تلك الأمور التي قرن بها لفظ (حرم) أفحش، وأكبر من هذه الأمور التي قرن بها لفظ (كره). وقد قيل: إن الكراهة هنا من باب التنزيه، وفيه بُعدٌ، لما بيَّنَّاه في إضاعة المال. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net