الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بيّنّا في كثير من الفتاوى السابقة عدم مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، وبليلة الإسراء والمعراج، وانظر لهذا الفتاوى التالية: 38815، 74863، 151445.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية -كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال: عيد الأبرار-؛ فإنها من البدع التي لم يستحبّها السلف، ولم يفعلوها. اهـ.
ونرى أن إقامة المؤتمرات والندوات في تلك المناسبات، هو ضرب من ضروب الاحتفال؛ فلا يُشرع تخصيص إقامتها بهذه المناسبة غير المشروعة.
وأما الاستدلال بقول الله تعالى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ {إبراهيم:5}، فقد قيل في تفسير أيام الله في الآية ثلاثة أقوال، ذكرها ابن الجوزي في زاد المسير:
أحدها: أنها نعم الله.
والثاني: أنها وقائع الله في الأمم قبلهم.
والثالث: أنها أيام نعم الله عليهم، وأيام نقمه ممن كفر. اهــ.
ولا شكّ أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وإرساله نعمة من الله على البشرية، والنعمة ليست بمجرد ميلاده دون الإرسال، والإسراء والمعراج معجزة عظيمة.
ولا إشكال في تذكير الناس بهذه النعمة، وتلك المعجزة.
ولكنّ الإشكال أن يخصّص يوم من السنة لها، والصحابة والتابعون الذين نقلوا إلينا القرآن الكريم لم يرد عنهم أنهم احتفلوا بذكرى تلك النعمة والمعجزة، ولا أنهم أحيوا ذكراها في وقت من السنة -ولو لمرة واحدة- مع علمهم بتلك الآية؛ فمن استدلّ بها على هذه البدع:
فإما أن يكون أعلم منهم بالقرآن.
وإما أن يكون أخطأ في استدلاله.
والاحتمال الأول بعيد جدًّا، فلم يبقَ إلا الثاني.
والله أعلم.