الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع به الطلاق عند وقوع الحنث، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً -وهذا هو المفتى به عندناـ، لكن بعض أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وراجع في ذلك الفتويين: 11592، 5584.
وأمّا بخصوص يمين السائل، وحلفه بالطلاق للمشتري أنه لن يبيع له السيارة إلا بهذه القيمة، فباعها له أخوه بأقلّ منها، فإن كان يقصد مباشرة البيع بنفسه خصوصًا، لم يحنث إن باعها له غيره، وإن قصد ألا تُباع السيارة إلا بذلك، ولو عن طريق أخيه، حنث.
وهذا قريب من مسألة من حلف ألا يبيع أو يشتري سلعة من فلان، فأمر غيره فاشتراها له منه، فإنه يحنث، إلا إن نوى مباشرة ذلك بنفسه، على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال ابن رشد في البيان والتحصيل: من حلف ألا يشتري سلعة من فلان، فأمر غيره فاشتراها له منه، هو حانث على كل حال، إلا أن يكون نوى ألا يلي هو الشراء منه بنفسه. اهـ.
وقال البغوي في التهذيب في الفقه الشافعي: لم يحنث، إلا أن يكون بنيّته ألا يفعل بنفسه ولا بغيره، فيحنث. اهـ.
والله أعلم.