الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول في البدء: إن الأصل في المسلم السلامة، وأن يُحسنُ به الظن، ولا يُتهم بما يشين من غير بينة؛ وقد نهى الله تعالى عن سوء الظن فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}.
وروى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إياكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث. فإذا كان هذا في حق عامة المسلمين، فإنه يتأكد في حق الوالد، وكذلك زوجة الأخ؛ لما بينكم وبينها من علاقة المصاهرة.
وإذا كان الاتهام متعلقًا بالزنا وفعل الفواحش؛ فالأمر أعظم، والخطر أشد؛ لما قد يترتب على ذلك من الوقوع في القذف، والذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد يترتب عليه سخط علام الغيوب. ولمزيد الفائدة يمكن مطالعة الفتوى: 93577.
وذهاب الأب إليها، وجلوسه هنالك مددًا طويلة، وكون المرأة متبرجة، لا يعني فعل الفاحشة. هذا مع العلم بأن الشرع شدد في شروط إثبات الزنا، حرصًا على الستر، وإغلاقًا لباب التساهل في الاتهام. وسبق بيان ذلك في الفتوى: 356197.
ومجرد قولك عنها: "نشك في أنها تريد الزنا"، ليس من القذف؛ فالقذف هو رمي الغير بالوقوع في الزنا صراحة، أو كناية، أو تعريضًا، كما هو مبيّن في الفتوى: 126407.
وهذه العبارة وإن لم تتضمن قذفًا، فإنها تعتبر نوعًا من الغيبة، وهي ذكر المسلم حال غيبته بسوء، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه. فتجب التوبة منها، والراجح أن الغيبة مثل غيرها من الحقوق المعنوية، لا يلزم الاستحلال فيها، وإنما يكفي الدعاء والاستغفار لمن اغتابه، وتجد تفصيل ذلك في الفتوى: 18180.
والله أعلم.