الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على رعاية أبناء أختك، فهذا مسعى طيب تؤجرين عليه إن شاء الله، وهو سبحانه يحب المحسنين، وهو القائل في محكم كتابه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا {الكهف: 30}، وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة.
وإن كان هذا الرجل مرضي الدين والخلق، فلست مخطئة بالموافقة على زواجه منك، وقد حثَّ الشرع على قبول مثله زوجًا، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. قال المناوي: "فزوجوه" ندبًا مؤكدًا. اهـ.
ونوصيك -أولاً- بالدعاء، والاستخارة، والاجتهاد في محاولة إقناع أخيك الأكبر بالموافقة على زواج هذا الرجل منك، ووسطي له بعض الفضلاء، وأهل الخير ممن ترجين أن يقبل قولهم، فإن تيسر إقناعه، فذلك الأولى بلا شك، وإن تمادى في رفضه، فيجوز أن يزوجك غيره من إخوتك، إن لم يوجد من هو أولى بتزويجك من الإخوة كالأب.
قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني: إذا استوى الأولياء في الدرجة -كالإخوة، وبنيهم، والأعمام، وبنيهم-، فالأولى تقديم أكبرهم، وأفضلهم ... وإن تشاحوا، ولم يقدموا الأكبر، أقرع بينهم؛ لأن حقهم استوى في القرابة ... فإن بدر واحد منهم، فزوج كفؤا، بإذن المرأة: صح، وإن كان هو الأصغر المفضول الذي وقعت القرعة لغيره؛ لأنه تزويج صدر من ولي كامل الولاية، بإذن موليته، فصح؛ كما لو انفرد، وإنما القرعة لإزالة المشاحة. اهـ.
ولا تترددي في المضي في أمر هذا الزواج، فالعمر يمضي، وفي الزواج كثير من مصالح الدنيا والآخرة، وهذه المصالح قد تفوت، ولا تتمكنين من الحصول عليها، وضرر ذلك عليك لا على أخيك، ولمزيد من الفائدة، راجعي الفتوى: 376453.
والله أعلم.