الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يُعطَى مدير المؤسسة الخيرية أجرة المثل من أموالها مقابل عمله، لكن ليس للمدير أن يستبد بتحديد مقدار ما يأخذه؛ لأن هذا محل تهمة بمحاباة نفسه، ويرجع في تحديد مقدار ما يأخذه المدير وغيره من الموظفين إلى أنظمة الجمعية نفسها إلى الجهات المسؤولة عن الأعمال الخيرية، وكذلك: يرجع إليها فيما يلزم المدير من أعمال ومهام وحضور لمقر العمل، وغير ذلك.
جاء في القرار السادس لمجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في الدورة العاشرة: لا مانع من أخذ نسبة معينة -من التبرعات-، إلا أنه يرى أن لا تحدد تلك النسبة، وإنما تكون أجرة المثل، أو أقلّ من أجرة المثل، وتدفع لهم بقدر عملهم؛ لأن هذا المال إنما هو لإعانة المنكوبين، وإغاثة الملهوفين، فلا يجوز صرفه إلا لمن بُذل من أجله، واتصف بالوصف الذي بذل هذا المال من أجل الاتصاف به.
وأمّا العامل عليه، فإنه يعطي مقدار عمله، كما جاز ذلك في الأخذ من الزكاة المفروضة للعاملين عليها، وذلك بعد التأكد من أنه لا يوجد أشخاص يمكن أن يقدموا بهذا العمل متبرعين.
كما أنه بناء على ما تقدم، فإنه لا بد من أن يقدّر القائمون على أمر الجمعيات والمؤسسات الإسلامية حاجة أولئك العاملين إلى المال المذكور، ولا يوكل ذلك إليهم أنفسهم، ويحدد ذلك من قبل مجالس الإدارة في الجمعيات والمؤسسات الإسلامية، أو من قبل الجمعيات العمومية لها، حسب نظام تلك الجمعيات. اهـ.
ومن الفروع الفقهية القريبة من هذا: مسألة ناظر الوقف، إن لم يسم له الواقف أجرة، فإنه يستحق أجرة المثل، إن كان معروفًا بأنه يأخذ أجرة على عمله.
جاء في كشاف القناع للبهوتي: وإن لم يسمِّ الواقف للناظر شيئًا، فقياس المذهب: إن كان مشهورًا بأخذ الجاري -أجر المِثل- على عمله أي: مُعَدًّا لأخذ العوض على عمله، فله جاري -أي: أجرة- مثل عمله، وإلا: بأن لم يكن معدًّا لأخذ العوض على عمله، فلا شيء له؛ لأنه متبرِّع بعمله. اهـ.
وانظر لمزيد الفتاوى: 488308، 243445، 50816، 284638.
والله أعلم.