الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل براءة ذمتك، وأنه لا يلزمك حق لأحد، ما دمت لم تتيقني من حصول ما يوجب الضمان عليك، كموت أحد بسبب تقصيرك مثلا.
وأمّا شكك في وجوب الحقوق عليك، فلا يترتب عليه شيء.
قال الجويني في كتابه "غياث الأمم": وكل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص الْمُعَيَّنِينَ. اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى: فإن شَكَّتْ أَمَاتَ من فعلها أم من غير فعلها؟ فلا دية في ذلك، ولا كفارة؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شَكٍّ أَمَاتَ من فعلها أم لا؟ والأموال محرمة إلا بيقين، والكفارة إيجاب شرع، والشرع لا يجب إلا بنص، أو إجماع - فلا يحل أن تُلْزَمَ غرامة، ولا صيامًا، ولا أن تلزم عَاقِلَتُهَا دية بالظن الكاذب. اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في كتابه " قواعد الأحكام": فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
وقال العلوي الشنقيطي في نوازله: فمن تصدى للإفتاء، فليحجم عن الإقدام على إلزام الضمان إلا بصريح أو ظاهر، وإلا وجب عليه التمسك بالأصل الذي هو براءة الذمة. اهـ.
والله أعلم.