الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمَّا الزكاة السابقة المتأخرة، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من تأخيرها -إن وقع بغير عذر شرعي- وإخراجها فورًا، وإذا كنت لا تعلم مقدارها، فالواجب عليك التقدير والاجتهاد بمراجعة حساباتك ونفقاتك السابقة حتى تعلم مقدارها، إمَّا على وجه اليقين، أو غلبة الظن، وانظر الفتوى: 228949.
وأمَّا المبلغ الذي دفع لك لأجل المنحة الدراسية، فلا تجب عليك زكاته في المدة التي لم يكن لك حق التصرف فيه؛ لأن ملكك له غير مستقر، وقد نص الفقهاء على أن من شروط الزكاة في المال تمام الملك باستقراره في ملك صاحبه.
قال البهوتي الحنبلي في شرح المنتهى، وهو يتحدث عن شروط الزكاة في المال: (و) الرابع (تمام الملك) في الجملة؛ لأن الزكاة في مقابلة تمام النعمة، والملك الناقص ليس بنعمة تامة ... ومعنى تمام الملك: أن لا يتعلق به حق غيره، بحيث يكون له التصرف فيه على حسب اختياره، وفوائده عائدة عليه.
قال أبو المعالي بمعناه: فلا زكاة على سيد مُكَاتَبٍ في دين كتابة، لنقص ملكه فيه، بعدم استقراره بحال، وعدم صحة الحوالة، وضمانه، وما قبضه منه سيده يَسْتَقْبِلُ به الحول إن بلغ نصابًا، وإلا فَكَمُسْتَفَادٍ. انتهى مختصرًا.
ونصُّوا على أن هذا النوع من المال يستقبل به صاحبه حولاً من تمام الملك، قال في مطالب أولي النهى عن زكاة المال الموقوف على الجنين، وأنه يتم ملكه بخروجه حيًّا فقال: فيزكيه وَلِيُّهُ إذا حال عليه حول من حين تمام الملك. اهـ.
وبناء عليه؛ فلا زكاة عليك في مال المنحة الدراسية قبل تمام ملكك له، وإذا تم ملكك، فاستقبل به سنة، وأخرج زكاته إن بلغ نصابًا بنفسه، أو بضمه إلى أموال أخرى عندك.
والله أعلم.