الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس في حرص زوجك على الإفطار مع والدته وأخواته، وهو من البر بوالدته، وأخواته، فالأم حقها في البر أعظم من حق الزوجة على الزوج، ومنه أكله معها، لا سيما إذا علم رغبتها في ذلك، فهو عمل صالح يؤجر عليه، وليس لك الحق في منعه من ذلك، والله قد أمر بحسن معاشرة الزوجة بالمعروف، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، ومن تمام العشرة بالمعروف الأكل معها، فهو مما تحبه الزوجة غالبًا، وتأنس به، وهو من تمام المؤانسة، وقد أخرج البخاري، ومسلم، عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك. إلا أنه إذا عارض ذلك الاستحباب ما هو أولى منه، مثل بر الوالدين ونحوه، فإنه يقدم عليه، وراجعي الفتوى: 43879.
وقد نص أهل العلم على عدم وجوب الأكل مع الزوجة، بل ذلك على سبيل الاستحباب.
قال الحجاوي في الإقناع: يستحب الأكل مع الزوجة. اهـ.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويستحب الأكل مع الزوجة والولد ولو طفلاً، والمملوك. انتهى. وراجعي الفتوى: 298774.
فلا ينبغي لك مؤاخذته به، ولا أن تحزني لأجل ذلك، لا سيما أنه لم يترك الأكل معك على الدوام، بل هو يحرص على أن يوزع إفطاره، وتناول الطعام عندك وعند أمه، فيفطر مع والدته، واعلمي أنك كلما كنت عونًا لزوجك على بره بأمه كان ذلك أدعى بأن تكون لك حظوة عنده، وتنالين مودته وحسن عشرته.
وننصح الزوج بأن يجعل لزوجه وولده نصيبًا من إفطاره معهم، ومؤانستهم، وإدخال السرور عليهم، ولو في بعض الأيام، ما دامت أمه لا تستاء من عدم إفطاره معها، فيكون قد جمع بين بر والدته، وأخواته، وبين حسن العشرة لزوجته.
والله أعلم.