الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغنيك من فضله، وييسر لك الزواج، ويصرف عنك شر الفتن.
واعلم أنّ الزواج وغيره من الأرزاق، بيد الله تعالى، يسوقها إلى عباده في الوقت الذي قدّره وَفق حكمته وعلمه ورحمته.
فاستعن بالله، واجتهد في أسباب الكسب الحلال، وابحث عن زوجة صالحة تقدر على مؤنة زواجها، وإلى أن يتيسر لك ذلك؛ فالواجب عليك أن تصبر وتستعف، مهما طالت المدة، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور: 33].
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجًا بالتعفف عن الحرام، كما قال -عليه الصلاة والسلام -: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. انتهى.
وقال الخطابي -رحمه الله- في أعلام الحديث: والوجاء: أن تدق خصية التيس، أو الثور بين حجرين، فهو موجوء، يريد أن الصوم يقطع الشهوة، فيصير بمنزلة الوجاء للفحولة من البهائم، وقد يستدل به على جواز التعالج لقطع الشهوة، كتناول الكافور ونحوه من الأشياء. انتهى.
واعلم أنّ الصوم الذي يعين على العفة، هو الصوم الذي يحفظ فيه الشاب سمعه، وبصره عن الحرام.
ولا إشكال في الصوم لتخفيف الشهوة مهما طالت المدة؛ فالأمر بالصوم منوط بالقدرة، وهو ليس على الوجوب، ولكنّه على الندب.
جاء في إكمال المعلم بفوائد مسلم: والصوم المذكور هاهنا ليس بواجب. انتهى.
ومن صعب عليه الصوم، فللعفة أسباب كثيرة غير الصوم منها: البعد عن مواطن الفتن، واجتناب ما يثير الشهوة، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، والمحافظة على الرياضة البدنية، مع الاستعانة بالله -عزَّ وجلَّ- والاعتصام به، وأحسن ظنّك بربك، وأكثر من دعائه، فإنّه قريب مجيب. وراجع الفتوى: 23231.
والله أعلم.