الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة أعظم أركان هذا الدين بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم.
وقد أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلاة فإنه مرتد، لكونه منكرا ما علم من الدين ضرورة.
وأما من تركها متكاسلاً بحيث لا يصليها مطلقاً، فجمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل. ويقتل عند المالكية والشافعية حداً لا كفراً، وعند الحنابلة يقتل كفرا مستدلين بظواهر نصوص شرعية، منها قوله صلى الله عليه وسلم "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن.
ومنها حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أيضا.
ويستوي في ذلك الحكم - عند بعض العلماء - من ترك صلاة واحدة أو أكثر للحديث الذي في صحيح البخاري وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" والذي يُحبِط العملَ إنما هو الشرك والكفر. لقوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) [الزمر:65].
وحيث كانت هذه أقوال أهل العلم في من ترك الصلاة متكاسلاً فإنه يجب على من وقع منه ذلك أن يجدد إيمانه، ولا قضاء عليه عند الحنابلة الذين يرون كفر تارك الصلاة على اعتبار أنه داخل في الإسلام من جديد. وأما قول الجمهور فهو مسلم مرتكب لأكبر الكفائر، يجب عليه أن يقضي ما فرط فيه من الصلوات.
وعلى كل حال فالواجب عليك أن تتوب إلى الله من هذا الفعل الشنيع، وأن تندم حق الندم حتى تتحقق توبتك. والأحوط والأبرأ لذمتك أن تعمل بقول الهمهور في مسألة القضاء فيما فرطت فيه من الصلوات، فإن كنت تعلم عدد الصلوات المتروكة فاقضها، وإن كنت لا تعلم عددها فاقض ما تظن أنك بفعله تبرأ ذمتك. وصفة القضاء أن تصلي ما فاتك من الصلوات على الفور حسب استطاعتك في أي ساعة من ليل أو نهار، مع مراعاة الترتيب بين الفوائت: الفجر ثم الظهر ثم العصر الخ. خروجاً من الخلاف، حيث إن بعض أهل العلم يري وجوب الترتيب بين الفوائت. وليكن عملك ذلك مقدماً على كل عمل إلا الفرائض الخمس الحاضرة.
والله يوفقك لما فيه الخير والصلاح .
والله أعلم.