الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أشار إليه السائل الكريم من أن للمستفتي أن يختار من الأقوال المستوية أحدها ليس محل اتفاق بين أهل العلم، فقد ذهب بعضهم إلى أن عليه أن يأخذ بالأشد والأحوط.
قال الشاطبي: لا يتخير لأن في التخيير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار، ولأن مبنى الشريعة على قول واحد وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعا.
وقال الولاتي في شرح المراقي عند قوله:
وثانيا ذا النقل صِرفًاً أهمل وخيّرن عند استواء السبل
قال: يعني أن للعالم أن يخير العامي إذا استفتاه في مسألة فيها أقوال مستوية في العمل بأيها شاء إذا لم يكن بين قائليها تفاوت، وقيل يأخذ العامي بأغلظ الأقوال للاحتياط.
وعلى هذا، فإن عليك أن تستعمل نوعا من الترجيح مثل زيادة العلم أو الورع في أحد القائلين.
وإن أخذت بالأحوط فهذا كذلك نوع من الترجيح.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1122.
وأما الترجيح بالاستخارة فلا مانع منه، ولعله الأقرب للصواب إن شاء الله تعالى ما دمنا نقول بجواز التخيير، وكيفية الاستخارة ودعاؤها نحيلك إليها في الفتوى رقم: 4823.