الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في عدّة فتاوى سابقة، أنه لا يجوز إعطاء الطالب مبلغاً من المال لشخص ليعمل له ما كلف به، وهو من الكذب، والغشّ، والزور الذي حرّمه الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، وفي سنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- قال الله عزّ وجلّ: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج: 30-31]. وقال سبحانه وتعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61].
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتشبع بما لم يعط، كلابس ثوبي زور.
وعليه؛ فعملك في السمسرة لهذا العمل، لا يجوز، وما تكسبه مقابله محرّم، والواجب هو التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين -كالمساجد، والكتاتيب القرآنية-، ولا حرج عليك فيما أنفقت على نفسك إن كنت محتاجًا.
جاء في الاختيار لتعليل المختار: والملك الخبيث سبيله التصدق به، ولو صرفه في حاجة نفسه جاز. ثم إن كان غنيا تصدق بمثله، وإن كان فقيرا لا يتصدق. اهـ.
وأمّا ما كسبته من المال في عمل مباح، فهو حلال، ولا يؤثر فيه أنك دفعت في تكاليف السفر بعض ما كسبته من السمسرة في العمل المحرم.
وأما صاحبك الذي كان يقوم بجلب هؤلاء الطلاب مقابل أن يحصل على نصف ما تحصل أنت عليه، فلا تدفعه إليه؛ لأن هذا المال سبيله الصرف في مصالح المسلمين، فاصرفه في مصارفه، وتب إلى الله توبة صادقة مما حصل. وراجع الفتوى: 343096.
والله أعلم.