الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة لها شقان:
الأول: تعاقد الإدارة مع العميل، والذي فهمناه من السؤال أنه لا يكون على سبيل المشاركة بينهما، وإنما هو عقد بيع، يكون العميل فيه هو المشتري، والإدارة هي البائع، كما يُفهم من قول السائل: (نتفق مع العميل على سعر بيع نهائي، ونتولى عملية الاستيراد والتوصيل).
ومحل العقد: سلعة ليست مملوكة للإدارة حين العقد، وإنما سيقومون باستيرادها بعد العقد. وإذا كان الأمر كذلك، فعقد البيع على سلعة موصوفة في الذمة لا يصح إلا سَلَمَاً، ويشترط في صحة بيع السلم: قبض الثمن كاملاً عند العقد، وراجع في ذلك الفتويين: 465376، 129763.
وهذا غير حاصل في هذه المعاملة، كما قال السائل: (يدفع العميل مقدمًا بين 20% إلى 50% من تكلفة الشراء) .. (نكمل المبلغ من مواردنا، أو نطرحه كمشروع للمساهمة).
وأما الشق الثاني فهو: تعاقد الإدارة مع المساهمين، وهذا يجب ضبطه على مقتضى عقد المضاربة الشرعية. ولا يصح فيها: ضمان العامل لرأس المال، فإن ذلك يجعل حقيقة العقد قرضًا مضمونًا، يجرّ نفعًا للمقرض. وراجع في ذلك الفتويين: 206356، 134737.
حتى ولو كان ذلك على سبيل التبرع من الإدارة، فلا يجوز أن يقترن بالعقد، ولكن يجوز أن يتبرع المدير بتحمل الخسارة عند حصولها، وأمّا الاتفاق على ذلك عند العقد، فلا يصح. كما جاء في مستند المعيار رقم (56) المتعلق بضمان مدير الاستثمار، من المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة، والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية:
- لا يجوز اشتراط الضمان المطلق على مدير الاستثمار، ولا تطوعه بالضمان عند عقد الاستثمار.
- لا يجوز أن يلتزم مدير الاستثمار بالضمان بعد عقد الاستثمار صراحة، أو ضمنًا.
- يجوز عند حصول الخسارة الكلية، أو الجزئية أن يتطوع مدير الاستثمار بالضمان بمحض إرادته. اهـ.
وجاء في المعيار رقم (54) المتعلق بحماية رأس المال، والاستثمارات:
- يشترط في الأدوات، والإجراءات التي من شأنها حماية رأس المال، والاستثمار ما يأتي: - ألا يكون الغرض منها تضمين مدير الاستثمار في غير حال تعديه، أو تقصيره، أو مخالفته الشروط. اهـ.
وعلى ذلك فقول السائل: (ونحن نتحمل كامل المسؤولية عن أي خسارة، ولا يتحمل المساهمون أي ضرر) لا يصح الاتفاق عليه في العقد.
والله أعلم.