الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للموظف إعطاء الشركة التي تتعامل مع شركته نسبة 15% خصم لتعطيه في مقابل ذلك نسبة 5%، لأن هذه النسبة التي تعطيها الشركة له، هي في الحقيقة رشوة، مقابل الخصم الذي أعطاه لها، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في حديث رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
أما عن أخذكم ما يكمل نسبة العمولة المتعارف عليها دون علم صاحب الشركة لكونه يعطي أنقص منها، فإن كان قد اتفق معكم على هذه النسبة التي يعطيكم إياها، فالواجب هو الالتزام بها وعدم أخذ أكثر منها إلا برضا صاحب الشركة ولو كانت هذه النسبة أقل من النسبة المتعارف عليها، وإن كان لم يتفق مع الموظفين على نسبة خلاف المتعارف عليها، فيجب عليه الالتزام بالنسبة المتعارف عليها، لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، كما هو مقرر عند أهل العلم، وهل يجوز -في هذه الحالة- استكمال العمولة إلى الحد المتعارف عليه دون علم صاحب الشركة؟ في ذلك خلاف بين العلماء، وهذه المسألة تعرف في الفقه بمسألة الظفر، وقد فصلنا الكلام فيها مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871.
وأما حكم صاحب الشركة الذي لم يعدل رواتب الموظفين، فهذا التعديل إما أن يكون تفضلاً منه لم ينص عليه العقد ولم يعد به، فلا يلزمه هذا التعديل، وإن فعله بنية الإحسان إلى الموظفين أثابه الله على ذلك، وإما أن يكون قد نص عليه العقد، فيجب عليه الوفاء به لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]، وإما أن يكون قد وعد به، ففي وجوب الوفاء بما وعد به، خلاف بين العلماء، والراجح هو وجوبه إذا دخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، وراجع للمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 25233.
وأما تأخير صاحب الشركة للعمولة وتقسيطها، فإن كان ذلك لكونه معسراً، فلا إثم عليه، والواجب هو إنظاره، قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280]، وإن كان ذلك مع غناه وقدرته على التعجيل وعدم التقسيط، فلا يجوز وهو مطل محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
والله أعلم.