الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجب العمل بمقتضى العقد، والوفاء بشروطه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): إذا كان حسن الوفاء، ورعاية العهد مأمورًا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به ... اهـ.
فإذا كان المستشفى الحكومي لا يسمح بذلك، ويعاقب عليه؛ فالأصل أنه لا يجوز فعله.
وأما كون الراتب المستحق قانونيًّا أعلى بكثير من الواقع، وكونه يتأخّر عن موعده، ولا يغطّي تكلفة مواد العمل وأدواته؛ فهذه دعوى وخصومة، تُرفَع للقضاء أو للجهات المختصة؛ للنظر في ثبوتها، وملابساتها، وأسبابها، ثم الحكم فيها.
وأمَّا المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولا يكون تصوّره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
والله أعلم.