الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة منع بناتها من زيارة مسكن الزوجة الأخرى لأبيهنّ، إن كانت تخشى عليهنّ منها ضررًا وفسادًا، ولكن لا يجوز لها منعهنّ من زيارة أبيهنّ، إن أمنت عليهنّ المفسدة؛ لما في منعهنّ من الإعانة على قطيعة الرحم، ومجرد وجود هذه المرأة لا يسوّغ منعهنّ من الزيارة في حال كون الفتنة مأمونة بوجود الأب.
وتراجع الفتوى: 153391.
وبخصوص حكم زواج الرجل من الوثنية إذا انتقلت لدين أهل الكتاب، ففيه خلاف بين الفقهاء:
فذهب المالكية إلى جواز الزواج منها؛ اعتبارًا بالدِّين الذي انتقلت إليه.
قال النفراوي في الفواكه الدواني: كل من جاز لنا وطء إمائهم بالملك، يجوز لنا وطء حرائرهم بالنكاح، ولو يهودية تنصّرت، وبالعكس، وكذا المجوسية إذا تهوّدت أو تنصّرت، على المعتمد؛ لأنها تقرّ على ما انتقلت إليه. انتهى.
وذهب الشافعية إلى أنه لا يجوز الزواج منها إذا دخلت في دين أهل الكتاب بعد التبديل.
جاء في المجموع للنووي: ومن دخل في دِين اليهود والنصارى بعد التبديل، لا يجوز للمسلم أن ينكح حرائرهم، ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين؛ لأنهم دخلوا في دِين باطل، فهم كمن ارتد من المسلمين. انتهى.
ويفهم من كلام الحنابلة أنهم على ما ذهب إليه الشافعية من منع الزواج منها إذا دخلت بعد التبديل والتحريف.
فقد ذكر ابن قدامة في الكافي روايتين في حكم الزواج من السامرة، ونصارى بني تغلب حيث قال:.... إحداهما: إباحة نسائهم؛ لأنهنّ كتابيات؛ فيدخلن في عموم الآية. والثانية: تحريمهنّ؛ لأنه لا يعلم دخولهنّ في دينهم قبل تبديل كتابهم.
ولم نجد كلامًا للحنفية في هذه المسألة.
والحاصل هو: أن المسألة محلّ خلاف بين الفقهاء، فلا يصحّ الجزم ببطلان هذا الزواج، وقد ذهب إلى صحّته بعض الفقهاء.
والله أعلم.