الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الواجب على العامي إذا اختلف العلماء في حكم شرعي أن يقلّد من يراه أعلم، وأورع، وأوثق في نفسه.
قال الشاطبي في الموافقات: فتعارض الفتويين عليه -أي المقلّد- كتعارض الدليلين على المجتهد، فكما أن المجتهد لا يجوز في حقه اتباع الدليلين معًا، ولا اتباع أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح، كذلك لا يجوز للعامي اتباع المفتيين معًا، ولا أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح. اهـ.
وقال: وأما إذا تعارض عنده قولا مفتيين؛ فالحق أن يقال: ليس بداخل تحت ظاهر الحديث؛ لأن كل واحد منهما متبع لدليل عنده يقتضي ضد ما يقتضيه دليل صاحبه؛ فهما صاحبا دليلين متضادين، فاتباع أحدهما بالهوى اتباع للهوى، وقد مر ما فيه؛ فليس إلا الترجيح بالأعلمية وغيرها. اهـ، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 319819.
وعليه؛ فإن كان أخذك برأي من يقول بجواز الكشف لكونه الأرجح في نظرك، لقوة أدلته، أو أفضلية القائلين به علمًا وورعًا، فلا تأثمين بذلك، إذ الخلاف في المسألة من الخلاف السائغ، ولا يُعدّ مجرد الأخذ بقول المجيزين في هذه المسألة أو غيرها من تتبع الرخص، ما لم يكن ذلك منهجًا للتفلت من أحكام الشرع، واتباعًا للهوى دون اعتبار للأدلة، وقد سبق التفصيل لهذه المسألة في فتاوى عديدة.
ولمعرفة المقصود بتتبع الرخص تنظر الفتوى: 170931، وراجعي للفائدة الفتوى: 134759.
ولا يصح الحكم بأن كل مكروه يداوم عليه فاعله يصير محرمًا، وإن كانت المداومة على المكروهات عمومًا قد تجر صاحبها إلى التساهل في المحرمات، وراجعي الفتويين: 282358،0.
والواجب على المسلم اتباع الكتاب والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يسأل فيما أشكل عليه أهل العلم الذين يوثق بهم، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 43-44].
والله أعلم.