الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام حث على العبادة وجعلها الغاية من خلق البشر، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}، بل إن الأعمال الصالحة لازم من لوازم الإيمان عند أهل السنة، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {البينة:5}.
ورسول الله أتقانا لله وأخشانا له وأعلمنا بمراد الله، وعلى الرغم من كل هذا لم يترك العمل، بل عمل لنفسه فتاجر وخدم نفسه وغيره، ورغب في العمل، فقال: ما أرسل الله من نبي إلا رعى الغنم، قالوا: حتى أنت؟ قال: حتى أنا. رواه البخاري.
ونص الفقهاء على أن المهن والصناعات التي يحتاج إليها الناس من فروض الكفايات فيثاب القائم بها ويأثم الجميع بتركها وتعطيلها، فلا تعارض بين عبادة الله والعمل، قال الله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {القصص:77}.
فإن كنت في حاجة إلى العمل وليس هناك من ينفق عليك من ابن أو زوج فلا بأس بالعمل شريطة أن يكون مما أباحه الله وليس فيه محظور شرعي من اختلاط أو غيره مع الالتزام بالحجاب الشرعي، وإن كنت غير محتاجة فمكثك بالبيت للعبادة وتعلم العلم والقيام بواجبات البيت خير لك.
والله أعلم.