الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور العلماء على أن العيوب التي يفسخ بها الزواج، والتي يجب بيانها للخاطب؛ هي العيوب التي يتعذّر معها الوطء، أو الأمراض المنفّرة، أو المعدية -كالجنون، والبرص، والجذام، ونحو ذلك-، وذهب بعض العلماء إلى أن كل عيب يحصل به نفور أحد الزوجين من الآخر، فهو موجب للفسخ.
قال ابن القيم -رحمه الله-: القياس: أن كُلَّ عيب ينفِرُ الزوجُ الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِن الرحمة والمودَّة يُوجبُ الخيارَ. انتهى.
والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظري الفتوى: 53843.
وعليه؛ فوجود شقّ في الشفة؛ ليس من العيوب الموجبة للفسخ، والتي يجب الإخبار بها، وخاصة إذا حصل علاج لها عن طريق الجراحة.
وعلى أية حال؛ فما دامت الفتاة لم تخبر الخاطب بهذا الأمر لظنّها أنه غير واجب عليها؛ فلا إثم عليها في ذلك، حتى لو كان العيب موجبًا للفسخ، لأنّ الجهل بالحكم يرفع الإثم.
أمّا مسألة الفسخ، والرجوع بالمهر على الزوجة أو غيرها؛ فهي مبنية على الخلاف السابق ذكره في ضابط عيوب النكاح.
وما دام في المسألة خلاف؛ فمردها عند التنازع إلى القضاء الشرعي للفصل فيه.
والله أعلم.