الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن التفكر في ذات الله، فضلًا عن الخوض فيها، من المضلات التي يزينها الشيطان؛ ليضل بها الناس، قال الله تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طـه:110}، وقال تعالى: وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء {البقرة:255}، وقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {الشورى:11}، قال ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس: ومن ذلك: أن الشيطان يأتي إلى العامي، فيحمله على التفكر في ذات الله، وصفاته، فيتشكك، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسألون حتى تقولوا: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال أبو هريرة: فوالله، إني لجالس يومًا، إذ قال رجل من أهل العراق: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال أبو هريرة: فجعلت أصبعي في أذني، ثم صحت: صدق رسول الله، الله الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم له كفوًا أحد. انتهى.
قال أبو جعفر الطحاوي: ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله. قال الشارح: وعن أبي حنيفة -رحمه الله-، أنه قال: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه. انتهى.
قال أبو عبيد القاسم ابن سلام تعليقًا على أحاديث الصفات الذاتية لله تبارك وتعالى: أما هذه الأحاديث عندنا حق، يرويها الثقات بعضهم عن بعض، إلا أنا إذا سئلنا عن تفسيرها قلنا: ما أدركنا أحدًا يفسر منها شيئًا، ونحن لا نفسر منها شيئًا، نصدّق بها ونسكت. قال الإمام مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنها بدعة. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله. رواه الطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ عن ابن عمر، وحسنه الألباني في الجامع، وفي رواية عند أبي نعيم في الحلية: تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله. حسنه الألباني أيضًا.
والله أعلم.