الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا توجد سورة بعينها تختص بموضوع الزكاة والصدقة، لكن القرآن والسنة النبوية مليئان بالآيات والأحاديث التي تأمر بالزكاة خاصة والصدقة عامة، وتثني على المؤدين زكاة أموالهم، وعلى المتصدقين والمتصدقات، مثل قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [سورة الحديد: 18].
واعلم أن الأمر بالزكاة أو بالصدقة عامة بل بجميع الأعمال الصالحة والترغيب في ذلك عام للرجل والمرأة على حد السواء إلا في المسائل التي يختص الرجل بوجوبها مثل الجهاد والجمعة. قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة النحل: 97].
وقال: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة: 247].
وقال في سورة الحديد: مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [سورة الحديد: 11].
وقال في سورة البقرة: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [سورة البقرة: 245].
وقال في سورة المزمل: وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المزمل: 20].
واعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج منا إلى قرض، ولكنه يدخر الصدقات فيضاعفها حتى إن اللقمة لتصير مثل جبل أحد، ثم يتفضل بها على صاحبها عندما يكون في أمس الحاجة إليها، ثم إن الزكاة شأنها عظيم فهي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وقد قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من كتاب الله، وقد أوجبها الله تعالى بالقرآن والسنة والإجماع، وقد جاء الترهيب من منعها في كثير من الآيات والأحاديث، فلتراجع لذلك الجزء الأول من كتاب فقه السنة للسيد سابق رحمه الله تعالى، فقد أطال في ذلك المعنى في باب الزكاة وتعريفها والترغيب في أدائها والترهيب من منعها، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 47539، والفتوى رقم: 23070.
والله أعلم.