الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأ الفراش في أخذ تلك الأشياء قبل تبين ما إذا كان أهلها يريدونها أم لا، والأمتعة إذا ضاعت على أصحابها تأخذ حكم اللقطة، فتعرف سنة، ثم يفعل بها الملتقط بعد ذلك ما يشاء، ففي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: اعرف عقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا، فشأنك بها... ولا يجوز أن يذكر المعرف ما تعرف به اللقطة، بل يصفها بوصف عام لئلا يدعيها غير مالكها. قال الدردير: ولا يذكر المعرف وجوبا جنسها على المختار، بل يذكرها بوصف عام كمال، أو شيء، وأولى عدم ذكر النوع والصنف، لأن ذكر الجنس يؤدي أذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة. وأحرى في المنع أن يريها المعرف بذاتها للناس، فإن أهل الفسق وقلة الورع يمكن أن يدعوها وهي ليست لهم، وإن كانت الأشياء تافهة لا يلتفت إليها فيمكن للملتقط أن يتملكها دون تعريف. قال الدردير: لا إن كان تافها لا تلتفت إليه النفوس كل الالتفات، وهو ما دون الدرهم الشرعي، أو ما لا تلتفت النفس إليه وتسمح غالبا بتركه كعصا وسوط وشيء من تمر أو زبيب، فلا يعرف، وله أكله إذا لم يعلم ربه، وإلا منع وضمن.
والحاصل أن هذه الأشياء إن كانت تافهة والفراش لا يعرف أصحابها فله أن ينتفع بها مباشرة من غير تعريف، وإن كانت أشياء ذات قيمة فالواجب أن يعرفها سنة، ثم بعد ذلك يفعل بها ما شاء من التمليك وغيره على أنه متى جاء صاحبها دفعت له إن كانت قائمة، أو ضمن له قيمتها إن كان تصرف فيها، وراجع الفتوى رقم:48636 للمزيد من الفائدة.
وبناء على ما تقدم فعلى الفراش أن يتوب مما كان قد فعله في تلك الأشياء وليتدارك ما أمكن تداركه من الأشياء التي كان أخذها ويعرفها التعريف الشرعي ثم يفعل بها ما ذكرناه.
والله أعلم.