الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نسأل الله لك الثبات والاستقامة وهداية أهلك بك، وننصحك بالحرص على البعد عن الجلوس في الغرفة التي تكون بها مرئيات أو مسموعات محرمة، وأن تواصل السير في طريق الهدى والاشتغال بحفظ القرآن والتفقه في الدين، ومصاحبة أهل الخير والحفاظ على الصلاة في المسجد وحضور مجالس العلم ومتابعة ما يبث منها عبر وسائل الإعلام، كما ننصحك بالجد في هداية أهلك وعدم اليأس منهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.
ويمكن أن تستعين عليهم باستزارة من له خبرة في الدعوة حتى يكلمهم، ووفر في البيت ما استطعت من النشرات والكتب والأشرطة المؤثرة فإنها نافعة بإذن الله، واحرص على الإكثار من الدعاء لهم بظهر الغيب، ولا تهجرهم كلياً ولكن لا تشاركهم فيما هم فيه من الأخطاء، ونلفت عنايتك إلى الآداب الآتية:
أولا: املأ قلبك بالشفقة عليهم، وأخلص لله تعالى في إبداء النصيحة، واجعلها ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، فإن هذا عون لك على إصلاحهم.
ثانيا: تخير أحسن الطرق وأفضل الوسائل، كإهداء شريط أو كتيب يتحدث عن المنكر الذي ترغب في تغييره ويقع فيه الأهل.
ثالثا: تخير أفضل الأوقات، فالوقت المناسب عامل مهم في قبول النصيحة، فوقت الغضب لا يصلح لإسداء النصح، والمنهك في عمل عقله منشغل بما يعمل فيه.
رابعا: انتقاء أفضل الكلمات، فانظر إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام كيف كان يخاطب أباه المشرك بألطف العبارات وأرق الكلمات، فيقول الله تعالى في سورة مريم: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا* يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم: 42 :45}.
خامسا: تجنب النصح علانية فإن ذلك يأتي بنتيجة عكسية، فالنصيحة في السر أدعى للقبول، وفي ذلك يقول أحد السلف: من نصح أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن نصحه علانية فقد ذمه وشانه.
واعلم أن من أعظم أساليب الدعوة إلى الله تعالى الدعوة السلوكية، وهي أن يطبق المسلم دين الله تعالى، فإذا رآه الناس اقتدوا به وساروا كسيره، وصدق السريرة وصحة القصد هما الأصل الأصيل الذي ينبني عليه قبول الدعوة إلى الله تعالى، لأن ما خرج من القلب يصل إلى القلب، وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان.
والأخذ بأسباب قبول الدعوة مطلوب شرعا، وذلك بأن يتبع الداعي الضوابط الشرعية في أمره ونهيه، وأن يستخدم الأسلوب المشوق في الدعوة إلى الله مع تنويعه، ومراعاة حال المدعو، وكل وسيلة صحيحة يمكن أن تكون عونا للداعي فإن الشرع لا يمنع من استخدامها كالهدايا والتبسم في وجه المدعوين، إلى غير ذلك.
وهناك وسيلة مهمة في الدعوة وهي أن يراك أهلك وإخوانك قدوة في مجال عملك.. إن كانت دراسة فاحرص على أن تكون متفوقا في دراستك، وإن كان عملا عليك أن تكون ناجحا في عملك، وكذا يجب أن تكون قدوة في سلوكك وأخلاقك وتعاونك مع جميع أفراد أسرتك وبالأخص والديك، وأشعرهم بتحملك لمسؤولية البيت.. فهذه أمور مهمة على الداعية الاهتمام بها لأنها صارت في هذا الزمان مقياسا لدى كثير من الناس، وقد سبقت أجوبة كثيرة تحتوي على تفصيل هذه الأمور نذكر منها ما هو تحت الأرقام التالية: 13288، 9358، 7475، 5197.
والله أعلم.