الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ السائل أنك في هذا العمل مؤتمن على مال من استأجرك في بيع تلك الكروت والشرائح التلفونية، وأنه لا يجوز لك التصرف في أمواله بدون إذن منه، فإن فعلت فقد ارتكبت إثماً وخنت الأمانة التي أؤتمنت عليها قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {لأنفال:27}. وتصرفك في هذا المبلغ تصرف باطل لأنه تصرف في مال الغير بدون إذن منه، وكل من تصرف في مال غيره بلا ملك أو ولاية أو وكالة، ينظر في تصرفه فإن كان في غير مصلحة المالك فقد فعل أمرا محرماً. وهذا هو عين ما فعله السائل فإنه تصرف في مال غيره لمصلحة نفسه لا لمصلحة مالكه، وعلى كل فالبيع الذي حصل بهذا المال للعلماء فيه قولان الأول أنه باطل من أساسه، والثاني أنه متوقف على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلا بطل، وبالنسبة للأرباح الناتجة عن هذا البيع فهي عند الحنابلة والأحناف لمالك المال وليس للغاصب شيء. قال ابن قدامة في المغني: وإذا غصب أثماناً فاتجربها أو عروضاً فباعها واتجر بثمنها. فقال أصحابنا الربح للمالك والسلع المشتراه له... وليس على المالك من أجر العامل شيء لأنه لم يأذن له في العمل بماله. اهـ. وذهب المالكية إلى أن أرباح المغصوب الناشئة عن تحريك الغاصب له كمن غصب مالا فاتجر فيه وربح، فالربح للغاصب، ولكن لا يطيب له حتى يرد رأس المال إلى صاحبه. جاء في الفواكه الدواني: ولا يطيب لغاصب المال، ربحه حتى يرد رأس المال على ربه، ولو تصدق بالربح كان أحب إلى بعض أصحاب مالك. وكذلك قالت الشافعية: إن الغاصب إذا اتجر في المغصوب فالربح له، قال الشربيني: لو اتجر الغاصب في المال المغصوب فالربح له في الأظهر. اهـ. وبناء على ما تقدم من خلاف فلا شك أن الأحوط لك هو الأخذ بمذهب الحنابلة والأحناف وراجع الجواب: 10486.