الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان من المسجد على مسافة لا يسمع معها النداء بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت، فلا حرج عليه أن يصلي مع جيرانه -إن كان له جيران- أو مع أهل بيته. لا سيما إذا علم أنه لا يصل إلى مكان النداء -المسجد- إلا بعد فوات الجماعة، ومن المعروف أن النداء عبر المكبر يسمع من مسافة بعيدة تشق معها إجابة المؤذن مشقة لا تقل عن الأعذار المسوغة للتخلف عن الجماعة، دفعاً للحرج عن المسلمين، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن أن ينادي: صلوا في رحالكم في الليلة الباردة أو المطيرة. رواه الشيخان.
أما من كان على مسافة من المسجد يسمع معها النداء بالصوت المعتاد عادة عند هدوء الأصوات، وعدم وجود ما يمنع السمع من نحو غلق باب أو ارتفاع أصوات؛ فالواجب عليه أن يصلي مع جماعة المسلمين في المسجد وإن لم يسمع النداء لمانع غير البعد، ككثرة الأصوات واللغط حوله، أو لغلق الأبواب أو النوم ولغفلة، وذلك للحديث الذي أشرت إليه في السؤال ولقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلماً؛ فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. الحديث رواه مسلم.
ولما رواه الشيخان من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.
لكن يجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمراً ميسوراً، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجباً، لبعد المسافة ونحوها.
كما أن استخدام منبه الصوت لكل الصلوات مما يعين على شهودها في أوقاتها. واتخاذ الأسباب المعينة على أداء الواجب واجب.
والله أعلم.