الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن غصب حقوق الآدميين يعد من كبائر الذنوب، وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك، فقد روى الشيخان من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً، فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين.
فكيف إذا كان المغصوب بيتاً مبنياً، وأصحابه قد فقدوا أباهم، وقد قال الله تعالى في شأن مال اليتيم: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [سورة النساء: 10].
وقال: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [سورة الإسراء: 34].
وعليه، فإذا كان هذا البيت ملكاً حقيقة لعمك المتوفى، فإن أباك قد أخطأ خطأ كبيراً في اغتصابه من أبناء أخيه.
والواجب عليك الآن هو أن تشعرهم بالموضوع، ولا مانع من أن تصطلح معهم فيما كنت أقمته من البنيان، وإن رفضوا الصلح فلأهل العلم اختلاف فيما إذا كان الواجب نقض البنيان أم أنهم يخيرون فيه بين نقضه وبين التعويض عنه، أو أنهم يعطون قيمته على كل حال، وراجع في هذا فتوانا رقم: 28270.
واعلم أن ما ستخسره اليوم إذا علم أبناء عمك بالموضوع أهون بكثير من أن تطوق يوم القيامة هذا البيت وما معه من الأرض من سبع أرضين، وعلى والدك إن كان حياً أن يتوب إلى الله مما ارتكبه، ويطلب العفو من أبناء أخيه، وإن كان قد مات، فعليك أن تستغفر له وتطلب من أبناء أخيك أن يسامحوه ويعفوا عنه.
وأما إذا كان البيت مسجلاً باسم أبيهم وهو في الحقيقة ليس ملكاً له، وتحققت من ذلك، فلا مانع من أن تخفي عنهم المسألة، لأن مجرد التسجيل لا تنتقل به الملكية عن صاحبها، لكن عليك أن تسعى إلى تصحيح ذلك الوضع وتبحث عما يثبت حقيقة الأمر لأنهم لو أوصلوا القضية يوماً إلى المحاكم فإنها لن تحكم إلا بما في الوثائق.
والله أعلم.