الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن معالجة الفقير والتصدق عليه وإسقاط الأجرة عنه أو تخفيضها لا شك أن كل ذلك من القربات التي يثاب فاعلها إن قصد وجه الله والدار الآخرة، أما عتبار ذلك من الزكاة فلا يجزئ، لأن من شروط صحة الزكاة النية عند دفعها فإن حصلت النية ولكن لم يحصل إعطاء وتمليك للفقير فلا تجزئ أيضا، لأن في الزكاة معنى الأخذ والإعطاء كما يستنبط من قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة: 103}. وهذه الصورة إنما هي مجرد إسقاط أجرة فليس فيها صورة الإعطاء منك والأخذ من الطرف الثاني، وعليه فلا يصح عدُّ ما تصدقت به بغير نية الزكاة منها، وكذا ما قدمته من خدمات طبية للفقراء دون أخذ أجرة منهم، أو أخذ بعضها واعتبار البعض الآخر زكاة، ويلزمك الآن إخراج الزكاة عما مضى، فتجتهد وتتحرى وتقدر كم كان مالك في كل سنة ثم تزكيه. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.