الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن استحقت الزكاة في ماله وجب عليه أن يخرجها فوراً، وذلك لقول الله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ {البقرة:43}، ووجه الدلالة هنا أن الأمر المطلق الأصل فيه أنه يقتضي الفور، كما هو مقرر عند علماء الأصول، ولأن الزكاة حق يجب صرفه إلى من توجهت المطالبة بالدفع إليه وهم الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}، فلم يجز تأخيرها عنهم كالوديعة إذا طالب بها صاحبها لا يجوز للمستودع أن يؤخرها عنه مع القدرة على ذلك والتمكن منه، لأنها حقه فكذلك الزكاة حق للفقراء والمساكين وبقية الأصناف، وفي تأخيرها عنهم منع لحقهم أن يصل إليهم.
وأما عزلها عن المال ودفعها إلى الفقير أقساطاً فيجوز بشروط:
الأول: أن يكون الشخص الذي تصرف له الزكاة ممن لا يحسن تدبير شئونه كالصغير والمعتوه والمبذر.
الثاني: أن يدفعها المزكي إلى غيره ممن له ولاية على ذلك الفقير ليتولى تقسيطها.
الثالث: إن كان المزكي هو ولي الفقير فعليه إخراج الزكاة، وفصلها عن ماله، ثم يتولى دفع الأقساط إلى مستحقها.
وبناء على ما تقدم، فإن كانت هذه الأخت فقيرة فيجوز دفع زكاة المال وزكاة الفطر لها، بل إن ذلك أولى لما في ذلك من صلة رحمها بالنسبة لإخوانها، وإذا جاز دفع الزكاة لها فإنه يجوز تقسيطها لها حسب الشروط المتقدمة، وكذلك يجوز لمن يتولى أمرها أن يجمع لها من تلك الزكوات ما فضل عن حاجاتها وحاجات عيالها الأساسية ليشتري لهم بذلك مسكناً لائقاً يستغنون به والأولى أن يعلمها بذلك.
والله أعلم.