الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الإمام القرطبي عند تفسير الآية التي يستدل بها على حبوط عمل من لم يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقوله: أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ. يقول: أن لا تحبط أعمالكم فتذهب باطلة لا ثواب لكم عليها ولا جزاء برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض. انتهى
وقال القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم: أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن، وقال الزهري: بالكبائر، ابن جريح بالرياء والسمعة... إلى أن قال: وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات، والمعاصي تخرج عن الإيمان. انتهى
وإحباط العمل بسبب ترك صلاة العصر ورد في صحيح البخاري، حيث قال صلى الله عليه وسلم: من ترك صلاة العصر فقط حبط عمله.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقال في الترمذي: الحبط على قسمين حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات، وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته...إلى أن قال بعد ذكر بعض التأويلات لمعنى الحديث المذكور: وأقرب هذه التأويلات قول من قال: إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد، وظاهره غير مراد. انتهى
ومن محبطات العمل أيضاً التألي على الله، ففي صحيح مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك.
وراجع الفتوى رقم: 41314.
والله أعلم.