الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب وضع حاجز بين صفوف الرجال وصفوف النساء في المسجد، فقد كان النساء يصلين خلف الرجال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده وبعده دون أن يكون بين صفوفهم حاجز. قال النووي رحمه الله: أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدا، وشرها آخرها أبدا، أما صفوف النساء، فالمراد بالحديث وهو "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها" صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. اهـ.
وعليه، فلا حرج في صلاتهن خلف الرجال بلا حاجز ما لم تترتب على ذلك مفسدة، فحينها لا بد من الحاجز دفعا لهذه الفتنة، ويراعى قبل وضعه الاتفاق عليه، بحيث لا يقع شقاق وتقدم شكوى لإدارة الجامعة بسبب وجود هذا الحاجز، وأنه تمييز بين الرجال والنساء مما يكون مبررا للإدارة في إغلاق هذا المكان وحرمان الجميع من الصلاة فيه، وينبغي للمصلحين في هذه الجماعة أن يقوموا بواجب النصح والدعوة إلى الله تعالى، وتبيين مفاسد الاختلاط المؤدي إلى الفتنة، وما ينشأ عن ذلك من آثار سيئة وعواقب مدمرة، إضافة إلى ترسيخ المعنى الحقيقي للإسلام الذي هو الاستسلام لأمر الله تعالى والانقياد لحكمه ظاهرا وباطنا، مع بيان محاسن الإسلام والحكمة البالغة لأحكامه والتي منها صيانة أعراض المسلمين وحفظ حرماتهم.
هذا مع التنبيه إلى أن يحذر المسلم من الانخداع والاغترار بما يثيره أعداء الإسلام من شبه ودعاوى لا تستند على أساس ولا تقوم على دليل.
وأما شراء بعض الأشخاص لمبنى وجعله مسجدا فإن ذلك خير، ولا يلزمهم تسجيله باسم الجمعية الإسلامية، بل لهم النظر عليه واختيار مؤذن له وإمام، ووضع نظام للحفاظ عليه، كتحديد وقت لفتحه وغلقه، وتنظيفه ، وتوسيعه للحاجة، ولهم رفض وجود حاجز بين الرجال والنساء، لأنه ليس بلازم كما سبق، إلا في حالة الفتنة، ولا يعد رفضهم هذا محرما أو التزاما لنظام التسوية بين الرجال والنساء، وفي حالة ما إذا حاولوا أن يضعوا نظاما مخالفا للشريعة الإسلامية فإنه يجب نصحهم وإرشادهم بالتي هي أحسن، لا إثارة الفتنة والخلاف، فليس هذا أدب الإسلام.
وأما صلاة بعض الفتيات بالبنطلون، فمكروهة، إلا إذا كن مع الرجال الأجانب فلا يجوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 36210 .
والله أعلم.