الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن الله سبحانه وتعالى علم نبيه آدم -عليه السلام- أصول جميع اللغات، فتحدث بها آدم -عليه السلام- مع أبنائه، وعلمهم هذه اللغات، ومع انتشارهم وكثرتهم وتفرقهم، اختلفت لغاتهم ولهجاتهم، فكان آدم يعرف تلك اللغات جميعًا؛ لمعرفته بأصولها، وهذا بناء على أن اللغات توقيفية، أي: علمت عن طريق الوحي.
وذهب بعضهم إلى أن اللغات اصطلاحية، فكل قوم أو جيل يصطلحون على وضع ألفاظ يتفاهمون بها، وكلمات يسمون بها الأشياء.
واستدل القائلون بالقول الأول بقول الله تبارك وتعالى: وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا {البقرة:31}.
واستدل القائلون بالقول الثاني بقول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ {إبراهيم:4}، على أن اللغة سابقة على بعثة الأنبياء إلى قومهم، في مبحث طويل، تجده في أصول الفقه، أشار له العلامة سيدي عبد الله الشنقيطي في ألفية الأصول بقوله:
واللغة الرب لها قد وضعا * وعزوها للاصطلاح سمعا
فالحاصل؛ أن قول الجمهور- وهو الراجح- هو أن الله تعالى علم آدم -عليه السلام- أصول اللغات، فتفرقت في أبنائه بعد تفرقهم وانتشارهم.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى: 3554.
والله أعلم.