الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ذلك الرجل الذي يستخدم السب لمن يخالف -قد جانب منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع المخالف- وقد بينا منهج أهل السنة في ذلك في الفتوى رقم: 56337.
وأما ادعاء هذا الشيخ أنه يجب عليه بيان أخطاء عمرو خالد، فنقول: نعم لكن يجب أن لا يكون ذلك بالسب والشتم وإطالة اللسان على المنابر، فمازال العلماء المخلصون من لدن سلف الأمة والقرون المفضلة يختلفون إلى عصرنا، لكن دون أن يؤثر عنهم أنهم لوثوا ألسنتهم بسب أو لعن أو تجريح للمخالف أو تنفير للناس عنه، فإن من خصال المؤمن وخاصة أهل العلم عفة اللسان وحسن العبارة، قال الله تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا {الإسراء:53}، وقال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. وقال أيضاً: ليس المسلم بلعان ولا طعان ولا فاحش ولا بذيء. وقال: لعن المسلم كقتله. وانظر الفتوى رقم: 4402، والفتوى رقم: 11967.
ثم إن العامة من الناس عندما يجدون أهل الدين يسب بعضهم بعضاً وينبذ بعضهم بعضاً سينفرون من طريق الاستقامة وسيسيئون الظن بالدعاة، وسيقولون: لو كان في هؤلاء الدعاة خير لما وقع بعضهم في بعض، ولهذا قال ابن مسعود: ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
هذا، وإن في أشرطة عمرو خالد عاطفة صادقة، وعناية بالنصوص، وله تأثير كبير على عامة الناس، وهذا مما يفرح به، وليس المقصود تطلب الكمال، فكل يؤخذ منه ويترك، ووجود النقص في مظهر الرجل وبعض المؤاخذات عليه لا يمنع من الانتفاع به والثناء عليه بما يظهر من حاله، مع تجنب ما لا يوافق السنة من قوله أو فعله.
وأما الفتاوى والأحكام الفقهية فلا تؤخذ عن عمرو خالد، فهذا العلم دين، وإنما يؤخذ على أعلامه، ولا يوافق عمرو خالد على خلطه الرجال بالنساء في محاضراته، ففي ذلك مخالفة لهدي محمد صلى الله عليه وسلم الذي شرع من التدابير ما يمنع من اختلاط الجنسين، فجعل خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها الذي يلي صفوف الرجال، وجعل خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها الذي يليه صفوف النساء، وذلك كله إمعاناً في قطع الاختلاط والنظر بين الرجال والنساء، وكذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء أن يمشين مختلطات مع الرجال في الطرقات، بل أمرهن أن يمشين على جانبي الطريق ويتركن نهر الطريق للرجال، قال صلى الله عليه وسلم: استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق. وانظر الفتوى رقم: 55877.
وكذلك لا يوافق عمرو خالد على إقراره لأهل الفن على عدم تركه واعتزاله على ما فيه من الخطايا والبلايا، وهي سقطة كبيرة ليته ما وقع فيها، وانظر الفتوى رقم: 55432.
والدين النصيحة، والمؤمنون نصحة والمنافقون غششة، ولو نصح عمرو خالد من قبل العلماء والدعاة وكُتب إليه، فقد يرجع عن المآخذ التي أخذت عليه، وفق الله الجميع للعمل في خدمة هذا الدين العظيم.
والله أعلم.