الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاليمين تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: يمين لغو: وهي كقول الرجل: لا والله، وبلى والله من غير أن يقصد اليمين، أو أن يحلف عل شيء يظنه كما حلف فتبين أن الأمر على خلاف ما يعتقده، فهذه اليمين لا كفارة فيها عند أكثر أهل العلم، كما في المغني لابن قدامة.
الثاني: يمين منعقدة: وهي أن يحلف أن يفعل شيئا فلم يفعله أو لا يفعل شيئا ففعله، فعليه الكفارة. قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار.
الثالث: اليمين الغموس: وهي أن يحلف على شيء وهو يعلم أنه كاذب، فهذه لا كفارة فيها عند جمهور العلماء. أخرج البيهقي في السنن تحت باب: في اليمين الغموس.. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها اليمين الغموس.
وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، والراجح قول الجمهور.
واعلمي أن من حلف أن لا يفعل شيئا ثم فعله فإنه يكون قد حنث وتلزمه الكفارة، فإن أخرجها ثم عاد فحلف أن لا يفعله ثم فعله حنث، وعليه كفارة أخرى باتفاق العلماء.
وأما إذا حلف أن لا يفعل شيئا ولم يحنث ثم حلف مرة ثانية ثم حنث فللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال.. أرجحها أنه لا تجب عليه إلا كفارة واحدة لأدلة منها ما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا أقسمت مرارا فكفارة واحدة. وروى عبد الرزاق أيضا وغيره عن مجاهد قال: زوج ابن عمر مملوكه من جارية له فأراد المملوك سفرا، فقال له ابن عمر: طلقها، فقال المملوك: والله لا أطلقها، فقال له: ابن عمر والله لتطلقنها، كرر ذلك ثلاث مرات، قال مجاهد لابن عمر: كيف تصنع؟ قال: أكفر عن يميني، فقلت له: قد حلفت مرارا. قال: كفارة واحدة.
ولعله بهذا التفصيل تكون قد خفت عنك الكفارات، وما لزمك منها حسب التفصيل السابق فلا بد له من الكفارة، فإن عجزت عن واحد من العتق أو الإطعام أو الكسوة فعليك صوم ثلاثة أيام لكل يمين حنثت فيها، والأفضل تتابع الأيام الثلاثة، ولا يشترط ذلك، بل يجوز صومها مفرقة، فالأمر فيه سعة ولله الحمد.
والله أعلم