الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل بين مسمى الإسلام ومسمى الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتجح البيت إن استطعت إليه سبيلا... الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. الحديث رواه مسلم.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات أعلاها الإحسان وأوسطها الإيمان، ويليه الإسلام.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل، وذهب بعضهم إلى أنهما شيء واحد.
قال الإمام النووي: قال الخطابي: والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام ولا يطلق، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمنا في بعض الأحيان ولا يكون مؤمنا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا.. وأصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلما في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقا في الباطن غير منقاد في الظاهر.. وقال البغوي: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام اسما لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان والتصديق بالقلب ليس من الإسلام؛ بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين.. والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعا، يدل عليه قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ {آل عمران: 19} وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ {آل عمران: 85} فأخبر سبحانه وتعالى أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل القبول والرضا إلا بانضمام التصديق إلى العمل. اهـ.
وعليه، فإن الإسلام يأتي أولا ثم لا بد له من إيمان ليكون الدين مقبولا عندالله. قال ابن كثير: فالإسلام بعده مرتبة يرتقي إليها وهو الإيمان. اهـ.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 19304.
والله أعلم.