الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي للمسلم أن يكون عمله كله سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء مما يقرب إلى الرياء، وقد تقدم بيان حقيقة الرياء وأنواعه في الفتوى رقم: 10992.
أما إظهار الأعمال الصالحة فلا يعتبر رياء إذا أراد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق، أو شيء سوى التقرب إلى الله تعالى.
وقد استحب أهل العلم إظهار الأعمال للتحريض عليها والاقتداء بصاحبها. قال في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وقد يمدح الإظهار فيما يتعذر الإسرار فيه كالغزو والحج والجمعة والجماعة، فإظهار المبادرة إليه وإظهار الرغبة فيه للتحريض بشرط أن لا يكون فيه شائبة رياء. والحاصل أنه متى خلص العمل من تلك الشوائب ولم يكن في إظهاره إيذاء لأحد، فإن كان فيه حمل للناس على الاقتداء والتأسي به فالإظهار أفضل لأنه مقام الأنبياء ووراثهم، ولا يخصون إلا بالأكمل، ولأن نفعه متعدد، ولقوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. وإن اختل شرط من ذلك فالإسرار أفضل. اهـ.
أما التسابق على فعل الطاعات فقد حثنا الله عز وجل عليه فقال: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة: 148} وقال: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران: 133}
وقد كان ذلك من هدي السلف الصالح؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 59819.
أما سماع القرآن الكريم بصوت مرتفع لكي يسمعه الناس ويعلمون أنه أفضل من الأغاني فأمر محمود؛ إلا أن يترتب عليه إزعاج الآخرين وإيذاؤهم بارتفاع الصوت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت.
والله أعلم.