دفع الرشوة للمتاجرة في النحاس

24-4-2005 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل فضيلتكم عن حكم الإسلام في تجارة مادة معدنية ( النحاس) , شخص يريد أن يتاجر في النحاس ويرغب في تصديره من بلده إلى بلد آخر ولكن تصدير هذا النوع ممنوع من قبل الدولة , إلا أن هذا الشخص وجد شخصا آخر سيقوم بمساعدته في إتمام الإجراءات ( باعتبار أنه رجل في الشرطة أو الأمن وله نفوذ في الدولة) وتسهيل تصديره إلى الخارج , وهذا الشخص طبعا يريد مقابل لذلك مبلغا من المال لكل دفعة تصدر أو نسبة مئوية حسب الاتفاق .
ما حكم هذا النوع من التجارة؟
وهل يجوز للشخص الثاني أن يأخذ مقابلا على ذلك ؟ وإن كان جائزا فهل يتفق معه على نسبة أو مرتب أم كيف تكون الطريقة الصحيحة في ذلك؟
أجيبونا مأجورين مثابين بإذن الله. وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم .


الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه ليس للدولة أن تمنع مما أباحه الله من التجارات أو غيرها من غير ما يسوغ ذلك شرعا، لأن ذلك في معنى تحريم ما أحل الله، وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من حرم ما أحله فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ {يونس:59} ولكن إذا كان المباح في وقت من الأوقات يجر إلى فساد مؤكد يهدد مصالح المجتمع التي قصدت الشريعة إلى المحافظة عليها ودفع الخلل عنها وهي ما يعرف بالكليات الخمسة وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال جاز للدولة منعه استنادا إلى القاعدة الفقهية المعروفة بسد الذرائع، ومعناها: أنه إذا كان شيء مباح تجر إباحته في وقت من الأوقات فسادا مؤكدا وخللا في هذه المصالح جاز منع الناس من هذا المباح درءا للمفسدة المؤكدة التي ستترتب عليه، مثال ذلك التجارة فهي مباحة، ولكن التجارة بالأسلحة مثلا إذا كانت تعرض المجتمع لنوع من أنواع الخطر جاز للدولة منعها، وقرارها حينئذ يعتبر قرارا من الشرع نفسه استنادا إلى هذه القاعدة، وراجع لمعرفة المزيد عن هذه القاعدة الفتوى رقم: 51407.

وعليه، فإذا كانت الدولة قد منعت من المتاجرة بالنحاس درءا لفساد مؤكد وخلل بمصالح المجتمع التي قصدت الشريعة إلى المحافظة عليها فلا تجوز المتاجرة فيه أو المعاونة على ذلك، وتسهيله بمقابل أو بدون مقابل، وأما إذا لم يكن المنع لدرء ذلك فلا حرج في المتاجرة فيه، بشرط أن يأمن التاجر أن يلحقه بسبب ذلك تعرضه للهلاك أو الضرر الشديد أو ضياع ماله، والأصل في ذلك عموم قوله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة: 195} وقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك. وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. متفق عليه.

وأما اخذ هذا الشخص الثاني مقابلا أو راتبا على تسهيل هذه التجارة في حال جواز التجارة فلا يخلو هذا من حالتين:

الحالة الأولى: أن لا يعين هذا الشخص على تسهيل التجارة إلا بماله من نفوذ وجاه فلا يجوز له أن يأخذ مقابلا لأن رفع الظلم عن المظلوم أي التاجر واجب شرعا لا تجوز المعاوضة عليه، فإن امتنع عن بذل نفوذه دون مال يبذل فلا حرج على التاجر أن يعطيه هذا المال والإثم عليه لا على التاجر الذي أعطاه لرفع الظلم عنه.

الحالة الثانية: أن يبذل مجهودا ويقوم بعمل ملموس فله أن يأخذ أجر مثله، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9559 والفتوى رقم: 46713.

والله اعلم.

www.islamweb.net