الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن الكلب نجس نجاسة مغلظة، إلا أن الأصل في بدن وثياب هذه البنت الطهارة كغيرها من الكفار الذين لا يتحاشون النجاسات كالخمر والميتة وغير ذلك، ولا يحكم عليهم بالنجاسة إلا إذا علمت نجاسة شيء بعينه، وهذه البنت قد تكون غير مصابة بلعاب الكلب ولا بشيء من روثه أو بوله، ولا لامسته حال كون أحدهما أو كلاهما رطبا، لأن ملاقاة الطاهر الجاف للنجس الجاف لا ينجسه بلا خلاف، ولما كان الأصل المتيقن الطهارة فإننا نقول: اليقين لا يزال بالشك، ولا يلزمكم تطهير ما مسته هذه البنت، وإذا أمكنكم أن تأمروها بالغسل، أو تغسلوا ما لامسته رطبا فهو أفضل.
وهذا كله ما لم تتيقنوا إصابة نجاستها، أما إذا تيقنتم النجاسة فيلزم غسل ما لاقته وأحدهما أو كلاهما رطب؛ لأن المتنجس إذا لاقى الطاهر نجسه ولو كان محل النجاسة قد جف من قبل. قال الدسوقي المالكي رحمه الله في حاشيته: ليس من زوال النجاسة جفاف البول بالثوب، وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولا نجسه. انتهى.
وقرر ابن قاسم الشافعي رحمه الله في حاشيته على الغرر البهية أن ملاقاة الرطوبة للمتنجس ينجسه ولو كانت نجاسته حكمية كبول جف.
والله أعلم.