الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 14138 كراهة إدخال الأسمنت في القبر ما لم تدع لذلك حاجة كالخوف على الميت من الحيوانات المفترسة، والحديد أولى في الكراهة من الأسمنت، فإن دعت لذلك الحاجة فلا كراهة حينئذ، قال في تحفة المحتاج وهو شافعي: إن خشى نبش أو حفر سبع أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص بل قد يجبان. انتهى.
وخلاصة القول أن سد اللحد بالأسمنت والحديد مكروه، فإن دعت له حاجة فلا بأس به. والذين كرهوا ذلك من أهل العلم إنما كرهوه لأنه تشبه بأهل الدنيا والمترفين، وتفاؤلاً بأن لا تمسه النار، وليس ذلك لكون الميت يتأذى بذلك. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ويكره الآجر لأنه من بناء المترفين وسائر ما مسته النار تفاؤلا بأن لا تمسه النار. انتهى.
نعم إن كان ذلك للمباهاة وأوصى الميت بفعل ذلك به فإنه يشترك في الإثم مع دافنيه، والذي ينبغي هو أن يدفن المسلم بحسب ما جاءت به السنة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 504.
وإذا اتفق أن شخصا دفن بالكيفية التي في السؤال فلا يجوز نبشه لذلك، وإنما الواجب هو تعليم القائمين على الدفن أن عليهم أن يقتصروا في سد اللحد على اللبن من الطين أو الآجر أو الحجارة، فإن دعت الحاجة لما ذكر فلا داعي لانتقادهم وكذلك الجهة الرسمية، قال خليل بن إسحاق المالكي: وسده بلبن ثم لوح ثم قرمود ثم آجر ثم قصب وسن التراب أولى من التابوت. انتهى، ويعني بقوله (وسده) أي اللحد أو الشق.
والله أعلم.