الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 5229 ما قرره الفقهاء في حكم المبيت بمنى أيام التشريق وهو أن ذلك واجب عند الجمهور ودليل الجمهور فعله صلى الله عليه وسلم وترخيصه للعباس في المبيت بمكة ليالي التشريق من أجل سقايته. قال الحافظ ابن حجر عند شرح حديث البخاري: أن العباس رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له. وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى وأنه من مناسك الحج، لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد أو ما في معناها لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور. انتهى.
ولم نطلع على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب ليالي أيام التشريق بعد منتصف الليل إلى الكعبة، بل المأثور عنه هو أنه كان يبيت الليل كله. فقد روى أبو داود عن ابن جريج عن حريز أوأبي حريز أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر قال: إنا نتبايع بأموال الناس فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال فقال: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل. ففي هذا الحديث ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يذهب من منى في تلك الليالي. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: فمعنى قول ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جميع اليل والنهار مقيما بمنى أيام منى. انتهى.
وننبه إلى أن الألباني رحمه الله تعالى قد ضعف أثر ابن عمر هذا.
والله أعلم.