الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}، فعليك أن تصبر نفسك مع أولئك الصالحين وتبتعد عن أسباب الغواية والمعاصي، فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر، والموت يأتي بغتة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {آل عمران:102}.
فاحذر كل الحذر أن يفاجئك الموت وأنت لاه غافل، وتب إلى الله توبة نصوحاً، ودع عنك وساوس الشيطان فإنه حريص على غوايتك وإضلالك، قد أقسم على ذلك كما قال الله تعالى حكاية عنه: وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا {النساء:119}.
وموالاة الشيطان إنما تكون بارتكاب المعاصي التي يزينها من حلق اللحية وسماع الأغاني المحرمة ومجالسة أهل الفجور وغير ذلك؛ فننصحك أن تقيم على طاعة الله وتبتعد عن معصيته، وقد بينا في الفتوى رقم: 1208 وسائل الاستقامة على طاعة الله، كما بينا في الفتوى رقم: 10800 وسائل تقوية الإيمان فلتراجعها فإنها تعينك بإذن الله تعالى وترشدك إلى الأسباب المعينة على الثبات، ولتكثر من الدعاء ولتتحين أوقات الإجابة في ثلث الليل الآخر، وفي السجود، وأدبار الصلوات وبين الأذان والإقامة، ودعوة الوالدين فإنها لا ترد، ولتكثر من الدعاء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقد كان أكثر دعائه، كما في صحيح الترمذي، نسأله سبحانه أن يثبتنا وإياك على طاعته، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.
والله أعلم.