الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأهل السنة يعتمدون في أذانهم على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد، وأبي محذورة -رضي الله عنهما-، وقد علّمه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان، كما أقر عبد الله بن زيد على أذانه، وأذّن به في حياته، واستمر عمل المسلمين على ذلك بعد وفاته.
وأذان عبد الله بن زيد خمس عشرة جملة، وبه أخذ أبو حنيفة، وأحمد.
وأذان أبي محذورة سبع عشرة جملة، يكبر مرتين في أوله، مع ترجيع الشهادتين، وبه أخذ مالك.
وأخذ الشافعي أيضًا بأذان أبي محذورة، لكن جعل التكبير في أوله أربعًا، على ما صحت به الروايات أيضًا.
وكل ما جاءت به السنة، فهو حق، ولا حرج في الأذان به، بل ينبغي أن يؤذن به جميعًا، تارة بهذا، وتارة بهذا، إن لم يحصل بذلك خلاف وفتنة.
وإليك أذان عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: روى أحمد، وأبو داود، وابن ماجه عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل؛ ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، فلما أصبحت، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال، فألقِ عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتًا منك، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجرّ رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق، يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد.
وأما أذان أبي محذورة الذي أخذ به مالك، فهو ما رواه مسلم عن أبي محذورة أن نبي الله علمه هذا الأذان: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم يعود، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، مرتين حي على الفلاح، مرتين، زاد إسحاق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
وأخذ الشافعي بما رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن أبي محذورة قال: قلت: يا رسول الله، علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسي، وقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
وبهذا يعلم؛ أن أذان أهل السنة كامل تام، مبني على الأحاديث النبوية الصحيحة، ولا عبرة بمن خالف ذلك، فزاد وابتدع.
والله أعلم.