الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يدل عليه سياق الآيات الكريمة من سورة النساء هو أن عبادة بني إسرائيل العجل كانت بعد طلبهم رؤية الله تعالى. قال الله تعالى: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً {النساء: 153}. ويؤكد القرطبي هذا عند تفسير قوله تعالى. ثم اتخذوا العجل، يقول: في الكلام حذف تقديره: فأحييناهم فلم يبرحوا فاتخذوا العجل. اهـ. مما يدل على أن اتخاذ العجل كان بعد إحيائهم بعد الصاعقة التي أخذتهم بعد طلبهم رؤية الله جهرة.
وأما الذي في سورة البقرة فليس فيه ما يدل على أن عبادتهم العجل كانت قبل طلبهم رؤية الله. وذكر طلب الرؤية بعد ذكر اتخاذ العجل في الآيات الكريمة ليس دليلا على الترتيب الزمني. فكثير من الأحداث ترد في القرآن الكريم بعد أخرى متأخرة عنها في الزمان.