الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز للزوجة وأهلها أن يكلفوك فوق طاقتك، ولا أن تبذل المال فيما لا يجوز شرعاً كإقامة حفلات الأغاني والولائم المختلطة ونحو ذلك، ولا ينبغي أن تطيعهم في ذلك، فقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}. وليس ذلك من باب التقصير في حقهم أو احتقار الزوجة، وإنما هو أمر الشارع وقضاؤه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}.
والعادات ينبغي أن تحترم ما لم تخالف أمر الشارع، فإن خالفته فهي باطلة، والحق أحق أن يتبع.
ويندب لك أن تولم وليمة حسب جهدك وطاقتك، قال ابن حجر: والمستحب أنها على قدر حال الزوج، ففي كتاب الله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. وإياك والإسراف والتبذير، فقد قال الله تعالى: وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. وقال: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف لما تزوج: أولم ولو بشاة. متفق عليه. قال النووي: واختلف في وليمة العرس هل واجبة أم مستحبة؟ والأصح عندنا أنها سنة مستحبة، وبه قال مالك، فيحمل الأمر على الندب.
وقد أولم صلى الله عليه وسلم بحيس في زواجه بصفية، كما عند البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فينبغي أن تجاري زوجتك وأهلها في عاداتهم بما لا يخالف أوامر الشارع الحكيم، ولتظهر لهم الإجلال والإكبار، وتشفع من أهل العلم والفضل من يوفق بينكم ويبين لهم الحق، وقد قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}.
وقد بينا في الفتوى رقم: 5859 ما يحل للزوج من زوجته التي عقد عليها عقد نكاح صحيح فلتراجعه.
والله اعلم.