الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحامل القرآن ومدرسه أولى بالطاعة والبعد عن المعصية من غيره. ففي مجمع الزوائد عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى برجل يوم القيامة ويمثل له القرآن قد كان يضيع فرائضه ويتعدى حدوده ويخالف طاعته ويركب معاصيه، فيقول: [يعني القرآن] أي رب حمَّلت آياتي بئس حامل، تعدى حدودي وضيع فرائضي وترك طاعتي وركب معصيتي، فما يزال عليه بالحجج حتى يقال فشأنك به، فيأخذ بيده فما يفارقه حتى يكبه على منخره في النار.
وكان سالم مولى أبي حذيفة إذا قال له المسلمون يا سالم إنا نخاف أن نؤتى من قبلك، يقول: بئس حامل القرآن أنا إن أتيتم من قبلي.
وإنك في الحقيقة قد ارتكبت ذنبا كبيرا وجرما عظيما. فالحمد لله الذي منَّ عليك بنعمة التوبة قبل أن يدهمك الموت ولا ينفعك الندم حينئذ.
واعلم أن الشأن في المؤمن أن لا ينسى ذنوبه، وإن بعد عهده بها، بل إنه يراها كجبال توشك أن تقع عليه، فهو مع توبته منها دائم الوجل والخوف من عواقبها، ويرجو من الله أن يغفرها له.
واعلم كذلك أن العبد إذا أذنب ثم تاب إلى الله توبة نصوحا فإن الله يقبل توبته ويغفر ذنبه. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104}. وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه بل إن الله يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}.
وعليه فإذا كنت قد تبت إلى الله توبة نصوحا فنرجو الله تعالى أن لا يضيع عملك من تدريس القرآن وغيره، وأن يبدل لك سيئاتك حسنات.
والله أعلم.