الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما قالته زوجة أبيكم وما يطالب به أعمامكم مجرد دعوى فإذا لم تصدقوها فلا بد لهم من إقامة البينة الشرعية على صحتها وإلا فلا قيمة لها.
والقاعدة الشرعية في هذا الباب هي أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
فإذا أثبت أعمامكم الحق على أبيكم فعليكم أن تعطوهم حقهم من عموم التركة قبل قسمها لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.
أما إذا لم يثبتوه بالبينة الشرعية فعليكم أن تحلفوا على عدم علمكم بأي حق لهم على أبيكم، وفي هذه الحالة تسقط دعواهم عليكم، ويؤخذ من نصيب زوجة أبيكم ما يقابله من الدين الذي أقرت به لأعمامكم إذا كانت أهلاً للتصرف لأن إقرار المالك لأمره يوجب عليه الحق، وقال ابن عاصم المالكي في التحفة:
ومالك لأمره أمر في * صحته لأجنبي اقتفي
أي اتبع بما أقر به من الحقوق، وهذا من حيث الظاهر والإجراء القضائي الذي يحسم النزاع، ولكن إذا كان يغلب على ظنكم أو عندكم شك فالأفضل أن تستبرءوا لدينكم وعرضكم وتدفعوا لأعمامكم ما يطالبون به ولو كان ذلك بنية التبرع والصدقة إبقاء للمودة وصلة الرحم وحفاظاً على العرض والكرامة... كما قال الله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}، وإذا لم تصطلحوا أو تحسموا النزاع بطريقة ودية، فننصحكم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم فإن لديها من الوسائل ما تستطيع به الاطلاع على حقيقة الأمر وحسم النزاع.
والله أعلم.