الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا بد للمسلم من تطبيق شرع الله وتنفيذ حكمه سبحانه لا فرق في ذلك بين دار الإسلام ودار الكفر، وقسمة التركات وتوزيعها مما بينه سبحانه وتعالى بنفسه ولم يكله لملك مقرب ولا نبي مرسل، وختم ذلك بأمر عظيم بليغ، فقال: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:13-14}.
فهذا هو الواجب أن توزع التركة كما أمر الله سبحانه وتعالى ولا يجوز رفض ذلك، فعلى جميع الورثة الانقياد والإذعان له، فقد قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}، فلا خيرة للمسلم بعد أمر الله وحكمه، وإذا اضطر المسلم في بلاد الغرب إلى مخاصمة ومحاكمة فينبغي أن تكون إلى المراكز الإسلامية في تلك البلاد أو إلى هيئة إسلامية أو محكمة شرعية خارجها، ولا يلجأ إلى المحاكم الوضعية بحال ما أمكن ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 26057.
وأما وصية الميت لأخيه فإنها لا تنفذ ولا تجوز إذا كان وارثاً إلا إذا أجازها الورثة فتكون عطية منهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وأما إن كان غير وارث لكونه محجوبا عن الإرث بوجود ابن أو أب للميت فتجوز له الوصية في الثلث فما دونه وعلى الورثة تنفيذ الوصية قبل قسمة التركة كما جاء في كتاب الله: مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}، كما بينا في الفتوى رقم: 21998.
والله أعلم.