الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تعليم القراءة والكتابة وغيرهما من العلوم النافعة دينية كانت أو دنيوية أمر مشروع حث عليه الإسلام المسلمين عموما يستوي في ذلك الرجال والنساء على العموم.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
ونصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالحث على طلب العلم والتنويه به وبأهله، وذلك يشمل الرجال والنساء إلا ما ورد النص بتخصيصه كما هو مقرر في علم الأصول، والعلم المأمور به شرعا هو العلم النافع الذي يعلم المرء دينه ودنياه ويزكي نفسه ويحسن أخلاقه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق. رواه البخاري في الأدب المفرد، كما رواه غيره بألفاظ مختلفة.
وكون بعض من تعلموا من النساء أو الرجال ساءت أخلاقهم لا ينبغي أن يحملنا ذلك على ترك التعلم أو نستدل له بالأحاديث الموضوعة والواهية.
فالحديث الذي ذكره القرطبي رواه الحكيم في نوادر الأصول وهو مظنة الأحاديث الضعيفة والموضوعة كما هو معروف عند أهل العلم. وقد ورد مثله بألفاظ مختلفة منها: لا تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة. قال الألباني في السلسلة: موضوع ومثله: واستعينوا عليهن بالعرى وأكثروا لهن من قول لا كما قال ابن الجوزي، والقرطبي إنما ذكره في معرض التحذير من فتنة النساء.
وتعليم المرأة يزيد من عقلها كما هو الحال بالنسبة للرجل، ونقصان دينها وعقلها لا يعني ذلك تركها للتعلم ولا علاقة له به. وقد وضحه النبي صلى الله عليه وسلم بأن شهادتها بنصف شهادة الرجل وأنها تجلس عن الصلاة أيام الدورة الشهرية.
ولهذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشفاء بنت عبد الله أن تعلم حفصة أم المؤمنين الرقية كما علمتها الكتابة، كما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني.
وفي هذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم وحث على تعلم المرأة للقراءة والكتابة والطب بالضوابط الشرعية طبعا، ولتفاصيل ذلك نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 53572 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.