الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيصح الزواج من الفتاة المسلمة غير المتحجبة، ويجب على من تزوجها أن يلزمها بالحجاب الشرعي، ولا يسمح لها بالتبرج، وهو مسؤول عنها أمام الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته. كما في الصحيحين، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}، ونحن ننصح كل من أراد الزواج أن يجعل معيار الاختيار للزوجة هو ذلك المعيار الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، فإن كان المقصود بالحجاب ستر الوجه فقد اختلف العلماء فيه على قولين، والراجح وجوب ستره، كما بيناه في الفتوى رقم: 4470.
أما إن كان المقصود بالحجاب ما تستر به المرأة بدنها ما عدا الوجه والكفين بما في ذلك الشعر والأطراف فهذا واجب الستر بالإجماع، فعليك أن تخبرها بذلك وتلزمها به.
ومن الأساليب التي ينبغي أن تسلكها كي تقنعها بذلك، أولاً: أن تدعوها بالحكمة والموعظة الحسنة وتذكر لها الأدلة الدالة على ذلك، ومنها قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزب:36}.
فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالاً مبيناً، والحجاب قد قضى الله به من فوق سبع سماوات، وجعله عنوان العفة، فمن ظنت أنها مخيرة فيه فقد ضلت ضلالاً مبيناً، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:59)، وقل لها: قد بين الله أن الحجاب طهارة... فأين تذهبين بعيداً عنها؟ قال جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وقل لها: إن الله نهى عن التبرج، وبين أن التبرج جاهلية، فقال: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ {النور:31}، وقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.
وقل لها: إن المتبرجة جرثومة خبيثة تنشر الفاحشة في المجتمع الإسلامي، فإياك أن تكوني هكذا، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور:19}.
وقل لها: إن التبرج من صفات أهل النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. رواه أحمد ومسلم.
وقل لها: إن التبرج نفاق، قال صلى الله عليه وسلم: وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات. رواه البيهقي وهو صحيح.
وقل لها: إن التبرج تهتك وفضيحة، قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل. رواه أحمد.
فهل ترضين بعد ذلك أن يكون جسدك معروضاً في سوق الشيطان، يغوي قلوب العباد، خصلات شعر بادية، ملابس ضيقة تظهر ثنايا جسمك، ملابس قصيرة تبين ساقيك وقدميك، ملابس مبهرجة مزركشة معطرة تغضب الرحمن وترضي الشيطان... كل يوم يمضي عليك بهذه الحال يزيدك من الله بعدا، ومن الشيطان قرباً ،فماذا تنتظرين؟ فالبدار البدار، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل، فاركبي –يا أختاه- قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك فأنت كل يوم تقتربين من القبر، ولا تدرين متى يفاجئك الموت، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ {آل عمران:185}، ولتذكر لها أنك مسؤول عنها أمام الله وديوث إن أقررتها عليه، وفي الحديث: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة.. وذكر منهم: الديوث. والحديث عند النسائي والبيهقي، وقال الألباني حسن صحيح.
والله أعلم.